يعْتري القَلبَ خَوفاً منْ أنْ يُعابَ أو يُلام
يَبعثُ فيهِ نَشْوةٌ لـــتَركِ القَبيحِ منَ الافْعَال
فيَدْفَعهُ على إعْطاءِ كلّ ذي حقٍّ حقّه ويُحْيي القَلبَ
بنَبعٍ مِن الحَياءِ الذي ما سُمّيَ حياءً إلّا لأنّهُ بضْعَةٌ من الحَياة
فَبقَدرِ الحياةِ التي في القَلب ينْمو الحَياء
ولا حيَاةَ لقلبٍ منْ دونِ إيمَان
ولأنّ الحيَاءَ بضْعةٌ من الحَيَاة
فالحَياءُ هُوَ الإيمَان
كحياءِ البَشَر من كَشْفِ العَورة والنّظرِ إلى سَوْءةِ الآخر
وكَحياء ِالجِمَاعِ أمام العامّة وعَلى مَرأى البَشَر
فهُوَ الحياء ُالإيمانيّ الذي يَمْنَعُ المُؤمن
منِ ارْتكابِ المَعاصي والإسْتمْرَارِ عَليهَا
هُوَ حيَاءٌ منَ الله تعالى ... وهَذا الحَيَاء يُولد منْ رؤيةِ
النّعَم إلى جانبِ التقْصيرِ في حقّ المُنْعم ... فيسْتَحيي العَبدُ حينَئذٍ
رَفعَ رأسهُ إلى السّماء وهُوَ قابضٌ على لحيتهِ
يَبكي بُكاءً مَريراً مُتَضّرعَاً مُبْتَهلاً ويَقول :
" واسوأتاهُ منكَ سيّدي وإنْ عَفَوت "
" واسوأتاهُ منكَ سيّدي وإنْ عَفَوت "
" واسوأتاهُ منكَ سيّدي وإنْ عَفَوت "
فأنّى لهُ أنْ يَسْتشْعر الحَكايآ عنِ الحَياءِ الإيمَانيّ
عن عبد الله بن مَسْعُود رضيَ الله عنْهُومَطْلَعُهَا ...
أنّ النّبي صلى الله عليهِ وسلّمَ قال : " اسْتحيوا منَ الله حقّ الحَيَاء "
قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى،
والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك استحيا من الله حق الحياء".
( رواهُ التّرمذي )
فكَم قَرطنا الآنَ من حقّ الحَياء ...؟!
فقد عُرفَ عنهُ حبيبُ الرّحْمَن بحيائهِ ... فإذا كَرهَ شيْئاً
كانَ يُعرف من وَجههِ بأبي وامّي رسولُ الله
ومنْ حَديثِ عائشة قالت :
جاءت امْرأةٌ إلى النّبيّ صلى الله عليهِ وسلّم
تسْـــــــألهُ كيفَ تغْتسلُ منَ الحَيْض ...؟!
فقال عليه الصلاة والسلام -وهو يشرح لها، ويبين لها كيفية الغسل-
قال: خذي فرصة من مسك، وتتبعي بها أثر الدم، فتطهري بها، فقالت هذه المرأة:
كيف أتطهر بها يا رسول الله؟ قال: تطهري بها، قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: سبحان الله! تطهري بها،
قالت عائشة : فرأيتُ في وجهه أنه قد استحيا عليه الصلاة والسلام، فأخذت عائشة هذه المرأةَ في جانب البيت،
وأخذت تشرح لها كيف تغسل دم الحيض حياءً منه عليه الصلاة والسلام )
[ صحيح البخاري ]
وهُوَ الكَريمُ القُدوة أعْظمُ قائدٍ للبشريّة أجْمع بأبي وامّي حبيبُ الأنَام
كَم احْمرّ وَجهه واطْرقَ رأسهُ حياءً من ربّهِ الكَريمِ المُتعال
وهُوَ النبيّ الذي اصْطفاهُ أكْرم ُالأكْرمين وعَلى إثْـرهَا
أُرْتبطَ اسْمهُ بالله فسميّ حبيبُ الرّحمن برسولِ الله
يدْخلها وهُوَ حييٌّ منْ ربّهِ الكَريمِ وفضلهِ العَظيم
فيَدخلها وهُوَ راكبٌ ناقتهُ يقْرأُ سورة َالفتحِ
مُطأطئٌ برأسهِ شكراً منه لربّ العالمين
لله درّه من نبيّ ... لله درّهُ من رَسول
تسْتحي منهُ المَلائكة أيّ خُلقٍ رقيقٍ هذا
بل ايّ صفةٍ عَظيمةٍ هذه التي فيه
جعلتِ المَلائكةَ حييّةً منه
" ألا أسْتحي من رجلٍ تسْتحي منهُ المَلائكة "
( رواهُ مُسلم )
وذاكَ الرّجلُ العَظيمُ فاروق الأمّة
مَا أكلَ طَعاماً في هنيّة ولا شربَ شُربةً في هنيّة
ولا لبسَ ثوباً في هنيّة إلّا قَالَ وهُوَ يَبْكي :
" ماذا قائلٌ لربكَ غداً يا عُمَر "
" ماذا قائلٌ لربكَ غداً يا عُمَر "
" ماذا قائلٌ لربكَ غداً يا عُمَر "
وهُوَ الذي تجنّبَ الشّيطانُ طُرقاته
الحييّ الكَريم الذي كانَ من أشدّ النّاسِ حياءً من ربّه
والحَديثُ عن أهْلِ الحَياءِ طويل
والتّحْليقُ مَعهم في هذا الأُفقِ الرّقْراقِ الوَضيء
السّامق ليْسَ فيهِ تَعبٌ أوْ لهُ حُدود ...
فـ لله درّهم تلكَ الأرْواحُ التي بهمُ اقْتَدَت
فكَانَت قُلوبُهم بالحَـــــياءِ حيـــــــــــَاة
تمّت مسّودتهُ في الرّابع من رَمَضَان
وتمّ نشْرهُ في الخامسِ من رَمَضَان
من سنة 1431 هـ وبِقَلم ندية الغُروب
راقني ماكتبت ندية الغروب واسمحي لي بنقله هنا